ReeM المشرفين
عدد الرسائل : 899 العمر : 31 تاريخ التسجيل : 26/01/2007
| موضوع: يوميات اتنين متجوزين( الجزء الـ 17) الثلاثاء يونيو 12, 2007 5:18 pm | |
| يوميات اتنين متجوّزين
قــالت ســارة : أخيرا استلمت عملي الجديد.. بعد طول الحاح من عمر على مديره وبعد ان وافق المدير مقابل تخفيض جزء من الراتب لأني لن أحضروسأعمل من البيت ..... لكن مش مهم ....عندما أحسب تكاليف المواصلات والشاي والقهوة الخ الخ التي كنت أصرفها في عملي القديم أجد اني انا الكسبانة.. ولكن العمل ليس سهلا كما كنت أتخيل فهو يتطلب يقظة دائمة ولباقة كبيرة في طريقة الكتابة والتعامل مع العملاء وكنت أظن اني سأستيقظ كما يحلو لي وأعمل وقت ما أريد.. ولكني ايميلي الذي صنعته خصيصا للعمل مفتوح دائما على ايميل مدير المشروع ليرسل لي الأوامر كل لحظة.. وكان في البداية يكتب لي في كلمات مختصرة ماذا أفعل.. أرسلي فاكس العمرانية ولا تنسي كذا وذكريهم بكذا وموعد كذا.. وبعد مرور شهر واحد فقط أصبح يخاطبني بالكلمات فقط.. فاكس العمرانية.. ثم ينهي المحادثة خايفة بعد مرور شهر كمان يرسل لي رموز.. ظ: يعني عملاء السلام..و ق: يعني عملاء المريخ لكني سعيدة جدا بهذا العمل وقادرة على القيام بأعمال منزلي في نفس الوقت فأكون باسلق اللحمة وأنا بابعت الفاكسات وبأقشر البطاطس وأنا بأرسل بالعروض للعملاء.. وكمان خفف قليلا من ضغط المصروفات علينا.. وخصوصا أن عمر حالته النفسية والمزاجية صعبة جدا بسبب المشروع الذي يصممه ********* قــال عمــر : أنا اللي جبت ده كله لنفسي - تدور هذه العبارة دائما في بالي وأنا أعمل في التصميم الخاص بالمسابقة.. لماذا أدخلت نفسي في هذه المشكلة؟ ماذا لو لم ينجح التصميم؟ أكون ضيعت ذهب سارة وتحويشة العمر بلا جدوى؟ هذه الفكرة عندما أصل لها أكاد أصاب بالجنون وتجعلني في غاية العصبية.. والمسكينة سارة تقابل كل نوبات غضبي وعصبيتي الرهيبة بالهدوء والاحتمال ولا تكاد تمل من التشجيع ولا يتوقف أملها أبدا آه لو أري الدنيا بنظرتها الطفولية المتفائلة سأفعل المستحيل.. ولكن علمي بظروف التعاملات التجارية تجعلني أشك في انهم سيختاروني أنا وسيأخذون أحد الأسماء اللامعة مسبقا عندما أصل لهذه النقطة أكاد أبكي مثل الأطفال وأترك كل العمل وأنزوي وحدي.. ولكن ملاكي الحارس تأتيني لتمسح عني كل الاكتئاب واليأس وتبث في روح جديدة خلاقة تجعلني أعمل من جديد علمت الآن لماذا كان الرسول صلي الله علىه وسلم يستعيذ من عجز الرجال.. وكنت أتعجب من علاقتها ببقية الدعاء.. ان هذا العجز أصعب من كل شيء يارب لا تخذلني ولا تكلني الى نفسي طرفة عين.. أنت وكيلي يارب وأعلم انك لن تضيعني ********* قــالت ســارة : أنا اللي جبت ده كله لنفسي - أتذكر هذه العبارة كلما هم عمر بالقاء كوب شاي في وجهي اذا دخلت عليه وهو يعمل.. أو وصوته يهدر كالرعد عندما يجد الملح ناقص في الطعام بعض الشيء فأغلي من داخلي ولكني لا استطيع أن أظهر غضبي منه بل بالعكس أهدئه وأضحك معه بأن المرة القادمة ينبهني قبل أن تنفجر القنابل في صوته كي أغلق الشبابيك أولا.. فيهدأ ويعتذر عن توتره الرهيب ولكني أخشي عليه من كل هذا.. وأعلم ان الرجال لا يستطيعون التركيز في أكثر من شيء عكس النساء.. ولكني أحيانا أستسلم لليأس أنا الأخرى ولكني لا أشعره به أبدا بل أشعره انه أفضل مهندس في العالم وتصميمه ح يكسر الدنيا والمشكلة اني أحمل كل هذا الجبل من المسئولية وحدي فلم نخبر أي من الأسرتين بهذا الموضوع كي لا يضغطون على أعصاب عمر ويتهمونه بتبديد مدخراتي.. وحتى أمي لاحظت اني لا أرتدي سوي دبلة زواجي فسألتني عدة مرات عن ذهبي فكنت أرد بمزاح: هو لسه فيه حد ياماما بيلبس دهب؟ ده بقي مش ستايل خالص وكانت تبتلع اجاباتي مضطرة وتنظر لي نظرة ذات مغزي وكأنها تعلم كل شيء يارب كن معنا نحن ضعاف وانت قوتنا نحن خائفون وانت ملاذنا نحن صغار وانت وكيلنا - - سارة.. سارة.. سارة الحقي يا سارة تعالى بسرعة قمت من مكاني منتفضة على صوت عمر المدوي والذي يرقص من الفرح وأنا أتساءل: خير خير.. فيه ايه يا حبيبي؟ رد عليّ قائلاً: كلمت سكرتير الشركة الجديدة لأطمئن على الأحوال فبشرني انهم نظرا لضخامة المشروع سيأخذون أفضل ثلاثة تصاميم وليس تصميم واحد فرقصت من الفرحة وانا أصرخ: بجد ؟!! الحمد لله.. الحمد لله كده فرصتك بقت كبيرة أوي ياعمر..يالا شد حيلك وبلاش كسل فقال بصوت ينفجر حماسة: أيوة فعلا مفيش وقت خلاص.. والله ياسارة مش عارف من غيرك كنت ح أكمل ازاي.. لو كنت لوحدي كان زماني يئست وسبت الموضوع كله.. ربنا يخليكي لي..انتي استحملتيني كتير اوي فرددت بفخر: بس خليك فاكرها !! ياحبيبي انت مستهين بناس ربنا وكيلهم؟ ازاي يعني؟ وبعدين انت بجد عبقري وبكرة تقول سارة قالت فهمس لي بنظرة ذات معني: بجد ؟ يعني انتي شايفة كده؟ ففهمت ماذا يقصد وقلت له بلهجة آمرة: يالا يا سيدي مفيش وقت للدلع عاوزاك تشتغل زي النار.. يالا انت لسه قاعد؟ ايه الرجالة اللي ما بتسمعش الكلام دي؟ ولا عاوزني أزعق لك قدام ابنك ؟ فوضع يدي على بطني المنتفخة وكأنه يشرك ابننا في الحديث معه: والله انتوا الاتنين وش الخير على وانا حأعمل المستحيل علشان أسعدكم وتركني وانصرف لعمله وتلمست بطني كأني ألمس صغيري وأعتذر له أني أنشغلت عنه.. وأخذت أناجيه وأحكي له عن كل ما يشغلني و كل ماأشعر به تجاهه كما أفعل دائما وكيف لا وهو يشاركني نبضي ؟ ترى يا صغيري ماذا سيكتب لنا الله ؟ هل سنحقق نجاحا كأسرة ونحقق احلامنا ؟ أم..؟ ********* دخلتُ في شهري التاسع أصعب شهور الحمل على الاطلاق وأخبرنا الطبيب أني حامل في ذكر.. انتفخ جسدي وتورمت قدماي وأصبحت أسير بصعوبة من ثقل الجنين.. سبحان الله هل لابد من كل هذا العذاب كي تشعر الأم بغلو أبنها ؟ أعتقد هذا هو السبب أتخيل لولم يكن هناك حمل وتعب رهيب وتذهت الأم الى المستشفي وبعملية بسيطة مثل اللوز مثلا تستيقظ لتجد ابنها بجوارها أكيد لن يعجبها وستصرخ في الطبيب: ايه ده ؟ ماله أسمر كده؟ لا شوف لي واحد مقلّم لكن عندما ينمو بجوار قلبها يوما بعد يوم ويشاركها الأنفاس والطعام والنبض والنوم وكل شيء.. أكيد لو خيروها بينه وبين عيونها لاختارته ويارب صبرني على هذا الجهد فلا أكاد آكل أي شيء الا وشعرت بنار داخل جوفي تحتاج المطافي من ضغط البيبي على المعدة.. ولا أستطيع النوم على ظهري الا وشعرت بأنفاسي تكاد تختنق من ضغطه على الرئتين.. ولا أستطيع المشي الا وأشعر ان قدماي المنتفختان تئن من ضغط الباشا عليهما طيب أروح فين يارب من هذا الاحتلال لكل جسدي؟ ولكنه أجمل احتلال ********* قــال عمــر : أووووووووووف أخيرا سلّمت المشروع والنتيجة بعد أيام أشعر مثل طلاب الثانوية العامة الذين ينتظرون نتيجة الفيزياء.. يارب يعدي الأيام دي على خير أنا متفائل أن لجنة التحكيم من الأجانب الذين لا مصالح ولا مجاملات لهم في هذا البلد.. فقط الجودة والاتقان هما اللذان سيحددان النتيجة ياااااه لو اختاروا مشروعي أنا سأفعل المعجزات.. سأتصدق بمال كثير و أعمل صدقة جارية لينا لكنا.. وسأعوض سارة كل ذهبها الذي باعته وأكثر كمان وسأشتري لها هدية رائعة على صبرها معي.. وبعد الولادة سآخذها هي والبيبي في رحلة في جنوب سيناء لأعوضها الضغط الذي عاشته معي ونعيش شهر عسل جديد.. وسأشتري هدايا لأبي وأمي طيب وشركتي القديمة هل سأستقيل منها أم آخذ أجازة فقط حتى تستقر الأمور؟ يااااه معقول كل حياتي تتغير بهذا الشكل؟ يارب كن معي ولا تخذلني أمام أهلي وأمام نفسي يارب يارب ********* قــالت ســارة : هل مفروض الأم تكون وجدت كنز سليمان قبل أن تشتري لوازم المولود؟.. ما هذا الغلاء الفاحش؟.. معقول ببرونة من ماركة معينة تتجاوز ثمنها 50 جنيه ؟ وأقل بطانية بـ 70 جنيه ؟ وأنا كنت فاكرة الجمعية اللي عملتها من مرتبي.. وطبعا قبضتها الأول.. ستكفي وتفيض لا وأنا كنت متخيلة أن الأشياء التي أشتريتها طوال الحمل للبيبي هي الأساس وباقي أشياء لا تذكر ولكن أتضح اني كنت أشتري تبع اعلانات التليفزيون.. شاور علشان حمام البيبي.. لوشن مرطب لبشرته الرقيقة.. أيس كاب لشعره والحمد لله أني اشتريت كام فانلة وسالوبيتين علشان الواحد يقول الحق كنت أظن اني أشتريت أغلب الأشياء حتى كلمتني أمي في التليفون وسألتني عما اشتريته للمولود فرديت بمنتهي الثقة: خلاص ياماما.. كله تمام فاضل حاجات بسيطة أوي ردت ماما وقالت: ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي.. طيب اشتريتي 12 فانلة نص كم و12 بكم ؟ فرددت باستغراب: ليه يا ماما ؟ أنا جبت 3 كت بس فردت بجزع: تلاتة؟.. ده طول النهار حيغير هدومه.. وكمان كت؟.. يا مفترية في البرد ده ؟ طيب جبتي الشايات ؟ فصرخت: مين يا فندم ؟ يعني ايه الكلمة دي ؟ بتوع ايه؟.. أنا لو أعرف أقول على طول يابيه ؟ فردت بتأفف: دول بيتلبسوا تحت الهدوم علشان يدفوا صدره يا ستي.. طيب جبتي البافتات؟ وقبل ما تسألي دول علشان لو رجع بعد الرضاعة ولا حاجة ؟ وأحسست بدوار شديد وخوف من التوبيخ الذي سأسمعه حالا فألقيت باجابتي وبعدت السماعة عن أذني كي لا أسمع: لا أن شاء الله مش ح يرجع ياماما.. وبعدين ممكن أستعمل كلينكس ولا حاجة صرخت ماما في وجهي قائلة: .............!!!؟ (محذوف للرقابة) فخفت على أمي من الذبحة المتوقعة التي ستصيبها من ردودي.. فقلت لها: ياماما هو أنا عندي عشر عيال ح أعرف الكلام الغريب ده منين؟.. قولي لي أشتري ايه وأنا أكتبه وأجيبه يالا قولي فأخذت أمي ترص قائمة طويلة عريضة بها ألف طلب وطلب وكأني سألد حضانة وليس طفلا واحدا.. وأنا أكاد أبكي من كل هذه الكوارث ياترى لو بعت أوضة السفرة سيكفي ثمنها ؟
والغريب أنها لم تذكر اللوشن المرطب ولا الآيس كاب اللذين اشتريتهم بالفعل حاولت أن أنهي المكالمة بانتصار على أمي أنها نسيت شيئا هاما جدا وقلت بمنتهي الثقة والفخر: نسيتي ياماما أهم حاجة أنا بقي ما نسيتهمش واشتريتهم فعلا.. اللوشن والآيس كاب فبدأت أعراض الذبحة تظهر عليها وقالت لي بصوت واهن: اقفلي يا سارة السكة قبل ما أقفل في وشك أنا ********* استيقظتُ من نوم متقطع بعد العصر بقليل وخرجت لأكمل ختمة القرآن التي بدأتها كي لا تفاجئني الولادة قبل أن أنهيها.. لأجد منظر غريب طار له قلبي وجدت عمر نائما على كنبة الصالة بكامل ملابسه حتى بالحذاء؟ ويخفي وجهه بين يديه باحكام.. والظلام يحيط به من كل جانب فأضأت الأنوار وتلمست جبينه لأجده غارقا في عرقه وليس نائما كما ظننت ولكنه شارد النظرات لا يريد أن ينظر الى.. فجذبت وجهه الى وصرخت في جزع: عمر انت تعبان ؟ مالك فيه ايه ؟ أنت كويس؟ عمـر: .........!!!؟ أنا: ياعمر رد على أرجوك فيه ايه أنا أول مرة أشوفك كده فيه أيه ؟ فرد بصوت واهن لا يكاد يسمع: نتيجة المشروع ظهرت ففهمت كل شيء بدون أن يكمل وفهمت أنهم لم يختاروا مشروعه فسقط قلبي في قدمي ومادت بي الدنيا ....
********* يـ تـ بـ ـع.. ********* | |
|
dandona المشرفين
عدد الرسائل : 364 تاريخ التسجيل : 26/01/2007
| موضوع: رد: يوميات اتنين متجوزين( الجزء الـ 17) الثلاثاء يونيو 12, 2007 5:36 pm | |
| | |
|
ReeM المشرفين
عدد الرسائل : 899 العمر : 31 تاريخ التسجيل : 26/01/2007
| موضوع: رد: يوميات اتنين متجوزين( الجزء الـ 17) الجمعة يونيو 15, 2007 8:39 pm | |
| قــالت ســارة : لن أنسى تلك اللحظة التي أخبرني فيها عمر بعدم اختيار الشركة لتصميمه.. وقتها تماسكت ولم أنفجر في البكاء كما كنت أتمنى.. واجتهدت أن أخرج صوتي طبيعي وأنا أكمل اجابته: وما اختاروش مشروعك مش كده؟ طيب وفيها ايه؟ ماهو الاحتمال ده كنا متوقعينه برضه؟ ايه المشكلة؟
فرد على عمر وكأنه كهل عجوز يحمل الدنيا فوق كتفيه: ايه المشكلة؟ ايه البساطة دي؟ المشكلة أننا خسرنا كل حاجة.. انتي خسرتي كل ذهبك وانا خسرت ثقتي في نفسي وشكلي أمام الكل وخسرتك معايا كل حاجة
فرددت بمرح: الكل مين ياحبيبي؟ أنا بس اللي عارفة الموضوع ده.. وبعدين تفتكر شكلك ح يتهز قدامي من محاولة خسرتها؟.. ده انت الدنيا ومافيها يا حبيبي وفداك دهب العلم كله
فلم يستطع النظر الى عيني وأشاح وجهه عني كي لا أري دموع عينيه: أرجوكي يا سارة انتي بتزودي احساسي بالذنب بكلامك ده.. أنا خذلتك وضيعت كل حاجة.. وربنا يقدرني وأعوضك.. أنا آسف آسف آسف
فأخذت أقرأ آيات القرآن على جبينه كي يهدأ.. وأنا أطلب من الله القوة والعون كي لا أنهار مثله
من يقول على المرأة أنها أضعف من الرجل؟.. انها مطلوب منها أن تكون زوجته وحبيبته وأخته وصديقته وأمه أيضا.. فهداني الله لفكرة ممكن أن تهدئه قليلا فقلت له: ياريت كل الخسارة تكون في الفلوس تخيل لو أنك
حصل لك حاجة حنعمل ايه أنا وابنك في الدنيا؟ ربنا يخليك لنا ألف
سنة.. أنت لسه بكامل صحتك وفي عز شبابك وتستطيع فعل المعجزات تخيل لو فقدت هذه الصحة وكسبت المشروع ؟ أيهم سيسعدك أكثر؟
فهدأ قليلا لكلامي ولكنه رد بألم: وقال لي أنا آسف ياسارة.. ولكنك لا تعرفين إحساس الرجل عندما يشعر أنه صغير في عين من يحب.. كان نفسي أفرحك والله
فرددت بمكر وبحزن مفتعل: طيب يا عمر أنا ما كنتش عاوزة أقول لك بس خلاص بقى.. الحقيقة الدكتور قال لي أن البيبي ممكن تكون فيه تشوهات
نسي كل شيء وصرخ بلهفة: ايه بتقولي ايه؟؟ لا اله الا الله
فضحكت لنجاح خطتي وقلت له: ضحكت عليك.. الولد كويس وزي العفريت ومطلع عيني ياسيدي.. شفت بقي ان المشروع ممكن يتعوض وفيه حاجات تانية لا يمكن تتعوض؟
فرد بايمان: الحمد لله.. فعلا الشيطان ينسينا النعم الكثيرة التي ننعم بها ويذكرنا فقط بما فقدنا.. ربنا يخليكي لي انتي ويحيى
تساءلتُ باستغراب: مين يحيى ده يا باشا؟
قـال: ايه رأيك في الاسم ده؟ ده الاسم الوحيد من كل اسماء الكون اللي ربنا عز وجل اختاره بنفسه لنبيه زكريا.. لم نجعل له من قبل سميا.. وبقية الأسماء من اختيار البشر.. وبعدين قصة سيدنا يحيى تكشف شخصية نورانية تعشقيها من كثرة صفائها.. لدرجة أن كل المخلوفات كانت تسبح معه عندما يسبح الله.. وكمان مات شهيدا.. ايه رأيك يا حبيبتي؟
قلت بابتسامة: خلاص موافقة يا أبو يحيي
استيقظتُ من نومي وأنا أعاني من الام متفرقة في كل جسدي.. تقريبا لم أنم طوال الليل.. ظللت أتقلب ولم أستطع النوم الا لدقائق معدودة كما هو حالى من عدة أيام وأبكي في كل حركة من ثقل جسدي حتى اني كل يوم اتمني ان ألد في نفس اليوم لأتخلص من هذا العذاب
سبحان الله وكأن التعب يزداد في الأيام الأخيرة كي تتغلب الأم على خوفها من الولادة وتتمناها أن تحدث.. آه أكاد أموت من الرعب عندما أتخيل هذه الساعات وأقرأ دوما سورة الزلزلة وبعض آيات سور الرعد وفاطر التي تساعد على تيسير الولادة كما قالوا لي
ولا ترحمني أي واحدة من قريباتي عندما أخبرها بخوفي من الولادة بل تقص على قصص مرعبة عن أنها كادت تموت والأخرى التي تمزقت من الألم لساعات طويلة.. والثالثة التي كادت تقتل الطبيب والممرضات
ايه يا جماعة الرعب ده؟ طيب أعمل ايه يعني أفضل حامل على طول ولا أعمل ايه؟
ايه ده عمر بيصرخ كده ليه؟
سارة سارة سارة.. تعالي بسرعة
هرولت اليه ولكن بسرعة السلحفاة طبعا وانا اهتف: مالك يا عمر خير؟
عمـر: أنا مش مصدق نفسي يا سارة بجد مش مصدق
أنـا: ايه يا عمر فيه أيه.. أنا ولدت وأنا مش واخدة بالي؟
فأجاب وقلبه يكاد يتوقف من الفرحة: لا.. فاكرة الشركة اللي صممت لها المشروع؟ ولم يختاروه؟
فرددت بتململ وأنا أخشى من فتح هذا الموضوع: مالها؟ عاوزين ايه تاني؟
عمـر: اتصلوا بي وقالوا ان فيه مقابلة النهاردة الساعة 6 مساء
لأصحاب التصميمات المتميزة اللي ما فازتش لاختيار مهندسين للتعيين في الشركة بمرتب كبير
نسيت تعبي وارهاقي وهتفت: بجد؟ الحمد لله.. ودي فيها مميزات أحسن من شركتك ؟
عمـر: انتي بتهرّجي؟.. مفيش مقارنة طبعا.. دي ضعف الراتب وأكثر.. وكمان بالدولار.. والأهم من كده ان نظام الترقية فيها زي كل الشركات متعددة الجنسيات بالمجهود مش بالأقدمية زي عندنا.. يعني ممكن في خلال شهور أكون مدير تنفيذي مثلا.. بجد مش مصدق نفسي.. ادعي لي يا وش الخير
أنـا: ربنا يكرمك ويوفقك.. ان الله لايضيع أجر من أحسن عملاً.. ان شاء الله حيختاروك.. ده رزق يحيى مش وشي أنا.. يالاّ قوم صلي ركعتين قضاء حاجة لله قبل ما تروح واتكل على الله.. ربنا وكيلك ومش ح يضيعك أبدا
وانصرف ليصلي ويستعد للخروج وأنا أدعو الله له.. وفجأة شعرت بضربة ألم حادة تشمل جسدي كله وتتركز في منطقة الرحم وكاد توازني أن يختل من شدة الألم المفاجيء واستمر دقائق مرت على كساعات ثم اختفى تدريجيا وأنا لا أكاد أستطيع التنفس من شدة الألم حتى بعد ذهابه
وحاولت تناسيه بأن ذهبت لأصلي خلف عمر جماعة كي ندعو الله سويا أن يكرمنا ويكتب لنا الخير.. وأطال عمر الدعاء بعد الركوع وأنا أؤمن على دعاؤه بكل ذرة في كياني.. ثم سجدنا.. وجاء الألم العاصف مرة أخرى وأنا ساجدة
ياالله جسدي يتمزق ولا أقوى حتى على رفع رأسي.. وكتمت صرخة ألم كادت تفلت مني ودعوت الله وأنا أبكي وأشعر أني ضئيلة ولا أقوى على شيء أمام جند صغير من جنود الجبار ألا وهو الألم
ولا أعرف كيف نطقت التشهد الأخير ولكن الألم بدأ في الاختفاء عند نهاية الصلاة.. واستدار عمر اليّ وفزع من شحوب وجهي الرهيب والعرق المتناثر على وجهي وسألني بجزع: مالك يا حبيبتي؟ انتي تعبانة؟ بتولدي ولا ايه؟
لم أشأ أن أخبره كي لا يضيع فرصة عمره ويبقي بجواري: لا يا عمر ده السجود بس بيتعبني اوي.. بعد كده ح أصلي وأنا قاعدة.. يالا قوم استعد واتكل على الله
قال عمر بإصرار: أرجوكي ياسارة لو تعبانة قولي وأنا أسيب مواعيد الدنيا علشانك
حاولت الابتسام وانا أرد عليه: يالاّ بلاش دلع.. لسه اسبوع كامل على ميعاد الولادة انا كويسة خالص وحادخل أنام كمان
فصدقني وانصرف وأنا أدعو له.. وما كاد يغلق الباب وراءه حتى عاد الوحش ثانية و انهمرت دموعي وكدت أتخلي عن شجاعتي المؤقتة وأناديه كي لا يتركني وحيدة وهذا الألم يفتت كل ذرة في جسدي وكتمت أنفاسي في وسادة وصرخت بكل قوتي من شدة الألم
انتظرت حتى اختفى وكلمت أمي وأنا أبكي وقبل أن أشرح لها أي شيء فهمت أني ألد وأخبرتني أنها ستأتي على الفور مع أبي وطلبت مني أن
أبدل ملابسي وأحضر حقيبة المولود وأستعد للذهاب الى المستشفي أول ما
يوصلوا
وجريت قبل أن يأتي الاعصار مرة أخرى وبدلت ملابسي وكنت جهزت حقيبة يحيى من قبل ولم أنس الآيس كاب واللوشن
آه لا أستطيع حتى الابتسام..أين أنت يا عمر كي أحتمي بك من الزلزال الذي يأتيني بلا رحمة؟
قــال عمــر : اين انتي يا سارة؟.. ياليتك كنتي معي
دقائق الانتظار قاتلة والجميع يبدو على وجوههم علامات القلق الشديد ولكن العدد ليس كبير..يارب يارب يارب
قــالت ســارة : وأخيييييرا وصل ماما وبابا وأنا تكاد روحي تخرج من حلقي من شدة الألم الذي يزداد عنفا كل مرة وتتقارب نوباته حتى تكاد تلتحم.. وما ان رآني أبي في هذه الحالة حتى أجهش في البكاء وضمني اليه وكأنه يهدهد طفلته الصغيرة التي ستصبح أماً.. أما ماما فكانت متماسكة جدا وكأنها تحولت فجأة الى طبيبة نساء وهي تسألني عن مدة الألم وتباعد نوباته وعندما أخبرتها.. قالت لي بهدوء: لسه بدري أقعدوا وأنا أعمل لكم شاي.. أصل البكريّة بتطول شوية
فكدت أصرخ ولكن بابا سبقني وصرخ فيها هو: يالاّ على المستشفى بسرعة يمكن يدوها مسكن ولا يريحوها بأي شكل
فردت أمي بسخرية: مسكن ؟.. ليه؟ حتعمل اللوز؟.. أصل الولادة دي
.....
ولم يمهلها أبي عندما رأي نوبة الألم تجيئني بلا رحمة حتى لم أستطع الوقوف على قدمي فحملني كالطفلة الصغيرة وهرع خارج المنزل وأمي لا تكاد تلاحقه
قــال عمــر : يارب ما هذا الاحساس؟ الله يكون في عونك يا سارة.. أنا أشعر وكأن مستقبلي كله سيولد من هذا المكان كما ستلد هي ابننا..آه ما أصعبه من شعور
يالله يا مغيث
قــالت ســارة : يا الله يا مغيث.. يارب أغثني من هذا العذاب
علمت الآن لم تمنت السيدة مريم الموت قبلا عندما جاءتها آلام الولادة وهي خير نساء العالمين.. ماذا سأفعل أنا؟ الا يوجد سبيل أن يخفت الألم قليلا ؟ قلبي يكاد يتوقف
قــال عمــر : قلبي يكاد يتوقف من القلق عند كل سؤال يسأله لي المدير الأجنبي وأتمتم بآيات القرآن وكل الأدعية التي أعرفها
يارب يارب
قــالت ســارة : يارب يارب.. أنا خلاص مش عاوزة أولد رجعت في كلامي.. لأ حرام حأموت بجد مش قادرة.. طيب ح أولد أمتى؟ ولا مجيب
الدكتورة فحصتني وقالت باقي حوالى ساعتين
ايه؟ ساعتين كاملتين في هذا العذاب؟
الدقيقة تسوي دهر كامل
يارب مش قادرة خلاص
قــال عمــر : يااااه مش قادر خلاص على هذا الانتظار المدمر للأعصاب.. المدير يتفحص السيرة الذاتية الخاصة بي بدقة بعد عشرات الأسئلة الدقيقة.. ثم ابتسم أخيرا وأخبرني أن أكون مستعدا للعمل معهم الأسبوع المقبل ....يالله
يكاد نبضي يتوقف من شدة الفرح.. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. وطلبت سارة لأبشرها وأشركها سعادتي
ردت على والدتها وأخبرتني بأن سارة بتولد في المستشفى
يعني كانت تعبانة فعلا قبل ماأنزل وما رضيتش تقولّي علشان ما أضيعش
مقابلة العمل.. وتحملت كل هذا العذاب وحدها من أجلي؟
يارب كيف أكافيء هذا الملاك ؟
أخيرا وصلت المستشفى بعد ما كسرت عشر اشارات واتخانقت مع كل الدنيا علشان يفتحوا لي الطريق وأكاد أصرخ في وسط الشارع: مراتي بتولد يااااااااااااعالم
ووصلت لها لأجدها تحولت الى كتلة ألم.. والعرق الغزير يغطي جبينها والمحاليل تخترق كل جسدها وأبوها يبكي ويتلو القرآن وأمها تروح وتذهب مع الطبيبة وتأتي لها بأغراضها.. فلم أتمالك نفسي عندما رأيتها وقبلت يديها أمام الجميع وبكينا سويا.. وهمست في أذنها بأني عينت في الشركة الجديدة فحمدت الله في وهن
وجاءت الطبيبة تخبرنا أنها ستنقلها الى غرفة العمليات فطلبت أن أكون معها
ودخلنا وهي تصرخ من الألم العاصف وأنا أشد على يديها وأهمس في أذنها بكلمات الصبر والتشجيع وأذكرها بكل لحظاتنا الجميلة التي تشاركناها.. وهي لا تكاد تعي ما أقول ولكنها تقبض على يدي بكل قوة وكأنها تخشي أن أتركها ثانية.. وتمر الدقائق طويلة وأنا وهي نكاد نصبح كيانا واحدا صهره الألم بين يدي الرحمن نسأله أن يرزقنا قطعة منا
ويمر الوقت ثقيلا حتى جاءت البشرى
صوت بكاء ابننا يشق الكون وكأنه يعلن للعالم وجوده
أخذته الطبيبة ولفّته بعناية ووضعته في أحضان سارة وأحضاني وأخذنا ننظـر اليه بحنان بالغ وقد زال كل ألم سارة عندما رأته
اخذنا نتلمسه غير مصدقين أن رحمة الله وعطاءه تتجسد في هذا الكائن مغمض العينين جميل الوجة كأنه أحد الملائكة
وحملته بحرص وتلوت كلمات الآذان والقرآن في أذنيه حتى استكان بين يدي وكأنه يعي نداء خالقه
وأخذته سارة وسالت دموعها وهي تتلمس قطعة منها نما بجوار قلبها وقالت بصوت واهن ولكن سعيد: حلو أوي مش كده ياعمر؟
فرد الأب بداخلي لأول مرة: تبارك الله أحسن الخالقين
أجمل كائن في الدنيا رأته عيني
ربنا يخليكوا لي انتي وهو يا أم يحيى يا أغلى انسانة ليّا في الوجود | |
|