قـال عمـر : استيقظت فى الصباح انا وسارة لأول مرة بدون الحفلة المسائية للأستاذ يحيى.. واضح ان مفعول الحمام والقرآن طول الليل جبار
معاه.. الحمد لله.. أول ليلة سارة تنام من غير قلق واستيقظت مش مصدقة نفسها انها نامت مرة واحدة زى الناس الطبيعية
وهمست لها: صباح الخير يا حبيبتي.. نمتي كويس؟
فردت عليّ همساً هي الأخرى خشية ايقاظه: ياااااااااه ده انا مش مصدقة نفسي اني نمت كل ده من غير ما يحيى يصحى
قلت لها: ربنا يخليه ليكي يا حبيبتي.. يالاّ لبّسيه حاجة ثقيلة علشان آخده معايا
فردت سارة برعب: على فين؟
قلت: يوووووه يا سارة.. هو احنا ح نتكلم فى الموضوع ده تانى؟ انتي عارفة على فين
فردت بفزع: لا أرجوك يا عمر بلاش النهاردة استنى لحد ما يكبر شوية
فرددت عليها بعطف: بصي يا سارة ياحبيبتي.. السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ان المولود فى اليوم السابع بيحلق
شعره كله والاب يتصدق بوزن الشعر وزن مساوى من الفضة وكمان يتعمل عملية ختان للمولود فى اليوم السابع زي ما الرسول
عليه الصلاة والسلام عمل للحسن والحسين.. عاوزانا نتأخر عن السنة ليه؟
فردت بتضرع وكادت تقبل يدي: مش ح نتأخر ولا حاجة بس احسب وزن الشعر يكون كام واتبرع بأكتر منه وبلاش تحلق له وأجل موضوع الختان شوية لحد ما يكبر أرجوك يا عمر علشان خاطري
رق قلبى لرعبها على وليدها ورددت بحنان: ما تخافيش يا حبيبتى مش ممكن فيه حاجة فى الدين بتؤذى الوليد ويعني هو مش ابنى ما هو أنا كمان خايف عليه
فبكت بالفعل وهى تخبرنى من بين دموعها: لا ياسيدي انت ما تعبتش فيه زيي.. ولا شفت الموت فى ولادته وانت خسران ايه يعني؟
ضممتها اليّ وقلت لها: احنا اتفقنا اننا ح نربيه تربيه اسلامية من اول يوم فى عمره حترجعي فى كلامك ولا ايه؟ ********* قـالت سـارة : ماما وحماتي مشغولين بتوزيع لحم العقيقة التى ذبحها بابا فى الصباح على الفقراء.. والبيت كله فى حركة دائمة وتم اعلان حالة
الطوارىء فى المطبخ لاعداد وليمة السبوع وطهي بقية العقيقة وبقية اخواتي وأخوة عمر يعلقون الزينات ويرتبون الشموع استعدادا
للمساء عندما يأتى كل الأهل والاصحاب.. وأنا غائبة عن كل هذا وأكاد أرى أشباحا وقلبي وعقلي مع ابني وهم يقطعون جزءا
من جسده.. آآآآآآآآآه كلما أتذكر هذا لا أتوقف عن البكاء.. وكل دقيقة أتصل بعمر على الموبيل حتى ملّ منى وأغلقه نهائيا
وأخيييرا.. جاء هو ووالده ومعهم يحيى وللغرابة وجدته نائم وأخبرني أن الطبيب أعطاه مسكن وسينام فترة وأن الموضوع تم بسهولة وفى دقائق
كدت أقتل عمر وهو يتكلم بهذه البساطة.. صحيح الرجالة قلبهم حجر
حضنت يحيى بقوة لأعوضه قسوة أبيه وخلعت عنه الكاب لاجده أصبح شبه ابراهيم نصر
حلقوا له شعره بالموس وأصبحت رأسه ما شاء الله زلطة.. وقبل أن أصرخ فى عمر وجدته هرب من أمامي
أخذته الى حجرة النوم وأخذت أبكى بلا توقف.. آه لو أعلم أن الأمومة متعبة بهذا الشكل لما كنت تزوجت من الأصل
وأفقت على يد عمر تربت على كتفي فدفعته بقوة وعلا صوتي وأنا أصرخ فيه: انت بجد قلبك حجر ولا يمكن ح أسيبه معاك تاني أبدا أبدا
فرددت بعصبية: استنى لما يصحى وشوف ح يعمل فيّ ايه.. حرام عليك والله
فرد بحنان: خلاص يا ستي لما يصحى أنا اللي ح أسكّته.. اتفقنا؟ وبعدين مش تشوفي أنا ويحيى جبنالك ايه بمناسبة الولادة والسبوع؟
فرددت بعناد: مش عاوزة منك حاجة
لم يرد عليّ وأخرج كارت صغير مكتوب عليه بخطه: أنا بحبك ياماما الامضاء يحيى
فلم أتمالك نفسي وابتسمت وأحسست أن ابني كبر فعلا وهو اللي كتب بخطه.. ولم أنتظر حتى فاجأني عمر بعلبة أنيقة أخرج
منها خاتم رائع به فراشات كثيرة شبيه بالخاتم الذى أهداه لي فى قراءة الفاتحة ياللرقة..
خجلت من نفسي من عصبيتي ورددت بصوت هامس: ربنا يخليكوا لي يارب ********* قـال عمـر : جلس جميع رجال العائلتين فى الصالون بعد الغداء الدسم والتهام العقيقة ساكنين خاشعين فى استماعهم الى صوت المقريء الذى أتيت به ليتلو آيات الله بعد العصر والكل تعجب من الفكرة
سبحان الله.. لماذا القرآن لدينا والمقرئين مرتبط فقط بالموت والمآتم؟
ألا نتذكر الله الا فى الحزن؟.. ورغم استغراب الكل الا اننى وجدت الجميع سعداء ومنتشيين من حلاوة صوت الشيخ وأثنوا على الفكرة
وقطع سكون البيت صوت يحيى وهو يصرخ بشدة لم أسمعها منه من قبل فاستأذنت وجريت له فوجدته يبكى حتى تحول وجهه للون الأزرق وسارة حالتها لا توصف.. فأحسست بالذنب الشديد ولكنى تمالكت نفسي وأخذته منها وأعطيته نقط الدواء المسكن وأخذت أهدهده وأقرأ له القرآن في أذنه حتى نام أخيرا
********* قـالت سـارة : بدأ الناس والأصحاب يتوافدون وأنا عيناي متورمتان من البكاء ونهرتني ماما عندما رأتني فى هذا الشكل وجعلتنى أبدل ملابسى
بالأمر.. وجاءت حماتي واختارت لي طاقم سواريه لا أرتديه الا فى المناسبات وهمست في أذني أن الناس لابد أن تراني عروس اليوم
دقائق قليلة وأصبح البيت يعج بالناس.. لا أعرف من دعى كل هؤلاء؟.. وخفت على يحيى من هجوم الجميع عليه وأخذته فى
حضني لا أفارقه وأنا أقرأ المعوذتين باستمرار.. وانطلق صوت الاطفال يغنون أغاني السبوع الجميلة وأضفوا بهجة على البيت
وشعرت اني فى فرح حقيقي
ولحظات وانطفأت الأنوار وأمسك الجميع الشموع كبارا وصغارا وأخذوا يغنون: حلقاتك برجالاتك.. وأمي تنثر الملح فوق رؤوس الجميع
ومعه السبع حبات والتي علمت انها عادة قديمة أعتقد فرعونية وهي مكونة من القمح والذرة والحلبة و..و..و وكل واحد من هذه
الحبوب يرمز لشىء يتمنون أن يكون فى حياة المولود مثل الخير والرخاء
وهددتني ماما أن لابد أن تظل هذه الحبوب مع الملح فى أرض الشقة وأمام المنزل أطول فترة ممكنة ولو كنستها احتمال تبلغ عني البوليس
ياااخبر أبيض ايه الفزع ده؟.. ماما بتدق الهون فى ودان يحيى بكل قوة علشان لما يكبر ما يخافش من الأصوات العالية.. بس أنا
اعتقد أنه بعد الدق ده مش ح يسمع لا عالية ولا واطية.. لا وكمان حطينه في غربال وبيهزوه مع مجموعة من النصائح اللي تودى فى داهية: اسمع كلام أمك.. اسمع كلام جدتك.. طبعا.. ما تسمعش كلام أبوك
ح يفسدوا أخلاق الولد من دلوقتي
وجاء وقت البخور وامتلأت الشقة برائحته الزكية وجعلوني أمرّ من فوقه وأنا أحمل يحيى 7 مرات وعمر لا يتوقف عن التقاط الصور لنا
وكأننا فى فيلم سينمائي.. بس بجد رغم ان كل العادات دى مش اسلامية لكن لا يوجد بها مايضر بل أعطتنا بهجة وذكرى لن تنسى
وأخذت ماما يحيى وأخذت تلف به كل حجرات الشقة وكأنها تريه بيته.. وصرخت عندما وجدتها تخرج به الى البلكونة في هذا البرد
الرهيب.. ولكنها أصرت ووجدت كل الجيران واقفين فى البلكونات وكأنهم يعلمون أن ماما لازم ح تطلع البلكونة.. ياربي كل الامهات
شبه بعض
ولم يكتفوا بالبلكونة ولكنهم خرجوا به الى خارج الشقة ووراءهم طابور الاطفال بالشموع ونزلوا به عدة طوابق وكل شقة يصلون
اليها تستقبلهم الامهات برش الملح والزغاريد أيضا.. وأخذ الجميع يأخذون علب السبوع ويعطوننا الهدايا وأغلبها والحمد لله مبالغ
مالية.. ولم أعد أعرف أين يحيى فى هذا المولد.. وأخذت أبحث عنه فى كل مكان ..حتى وجدت يد تمتد فى الزحام لتحتضن يدي ووجدته عمر يقف بجانبي ويقول لي بمنتهى الحب والحنان: ألف مبروك ياعروسة